مستشارة نفسية لـ"التاج": صافرات الإنذار تدق ناقوس الخطر النفسي لدى الأطفال

التاج الإخباري -

 سيلينا العمري

قالت المستشارة النفسية والأسرية والتربوية حنين البطوش، إن صافرات الإنذار، بصوتها الحاد ووظيفتها التحذيرية، تُعدّ مثيرًا قويًا للقلق لدى الكبار، إلا أن وقعها على الأطفال يكون أشدّ وأعمق، لاسيما في ظل إدراكهم لاحتمالية اندلاع حرب قريبة، مشيرة إلى أن مقاطع الفيديو التي تُظهر أطفالًا يتّصلون بالشرطة خوفًا من هذه الأصوات تكشف عن حالة نفسية مقلقة تُنذر بانعكاسات سلبية خطيرة على استقرارهم النفسي وشعورهم بالأمان.

وأضافت البطوش خلال حديثها مع "التاج الإخباري" أن استجابة الأطفال النفسية لصافرات الإنذار تتأثر بعدّة عوامل متداخلة أبرزها العمر، إذ كلما كان الطفل أصغر سنًّا، كانت استجابته العاطفية أكثر حدّة، إلى جانب أهمية مدى التعرّض للصوت وردود فعل البيئة المحيطة والسياق الثقافي والإعلامي، مما يعمّق مشاعر القلق لدى الطفل حتى في غياب تهديد فعلي.

وأوضحت أن الأثر النفسي يتجلى بمحورين رئيسيين؛ الأول يتمثل في حالة الخوف والقلق المستمر التي قد تؤدي إلى كوابيس واضطرابات نوم وقلق انفصالي، والثاني ينعكس في احتمال تطور التجربة إلى اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، خاصة إذا ترافقت الصافرات مع مشاهد تهديد أو عنف، الأمر الذي يؤدي إلى أعراض مثل الاسترجاع والتجنب وفرط اليقظة وتغيّرات في المزاج.

وبيّنت أن من الانعكاسات النفسية المحتملة نشوء قلق وجودي مبكر، وتساؤلات تفوق قدرة الطفل على الفهم مثل: "هل سنموت؟"، لافتتاً إلى ظهور نوبات فزع وخوف مفرط من الأصوات العالية، واضطرابات سلوكية مثل التبول اللاإرادي أو التعلّق الزائد أو الانفعالات غير المبررة، والتي قد تتطور إلى مشاعر عجز وضعف في الصورة الذاتية للطفل.

واضافت ان اختلاف الاستجابات النفسية بين الأطفال يختلف حسب الشخصية ونمط التعلّق، حيث يبدي الطفل ذو الطبع الحساس أو القلق ردود فعل أشدّ، بينما يكبُت الطفل الانطوائي مشاعره ويظهر عليها انسحاب اجتماعي، في حين يُعبّر الطفل الانفعالي عن توتره بسلوكيات صاخبة أو عدوانية، مما يؤكد أهمية الاستجابة النفسية الفردية المناسبة.

"إن بعض الأطفال يُظهرون سلوكيات تراجعية كوسيلة للتأقلم مع مشاعر الخوف، مثل رضاعة الإصبع أو قضم الأظافر، مشيرة إلى أن استمرار الضغط النفسي يهدد التطور النمائي والعاطفي والمعرفي، كما قد يؤثر على التركيز والتحصيل الدراسي والتفاعل الاجتماعي"، وفق حديث البطوش لـ"التاج".

وشددت على أن الأثر النفسي يتعاظم حين يقترن بوعي الأطفال بوجود حرب محتملة، وأن انتشار مقاطع الفيديو التي تُظهر ذعر الأطفال يعمّق الشعور بالخطر حتى دون التعرض المباشر للصافرة، داعيةً إلى اعتماد مقاربة شاملة تتكامل فيها الأسرة والمجتمع والمؤسسات المعنية لتوفير بيئة آمنة، وشرح ما يحدث بلغة مبسطة، والحد من التعرض للمشاهد الصادمة.

ودعت البطوش إلى تشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم من خلال الرسم أو اللعب أو الحوار، وتعليمهم آليات تأقلم بسيطة، واللجوء إلى مختص نفسي عند الحاجة، مؤكدة أهمية الانتباه إلى "المخاوف الصامتة" التي قد تظهر عبر أعراض جسدية أو تغيّرات سلوكية، ما يستدعي وعيًا مجتمعيًا وأسريًا لحماية الطفل من أزمة نفسية طويلة الأمد.




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى