هل يشمل "الضمان" في الأردن إصابات ووفيات الحروب؟
التاج الإخباري -
مع تصاعد الحديث عن تأثير النزاعات المسلحة والكوارث على الحماية الاجتماعية، تبرز تساؤلات حول مدى شمول نظام الضمان الاجتماعي في الأردن لحالات الإصابة أو الوفاة الناتجة عن هذه الأزمات.ويؤكد خبراء أن منظومة الضمان الحالية تقوم على مبدأ التغطية التأمينية المرتبطة بالعلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل، وليست نظام رعاية شاملة يغطي جميع أنواع المخاطر. وبيّنوا أن الإصابات الناتجة عن الحروب أو الكوارث، إذا لم تكن ضمن سياق العمل، لا تندرج ضمن التغطية التأمينية، مما يسلط الضوء على الحاجة لتطوير منظومة حماية اجتماعية وطنية شاملة قادرة على التعامل مع الحالات الاستثنائية.
دعوة إلى تطوير منظومة وطنية للحماية الاجتماعية
قال أحمد عوض، مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية، إن الحماية الاجتماعية في حالات الإصابات أو الوفيات الناتجة عن النزاعات تتجاوز صلاحيات مؤسسة الضمان الاجتماعي في صيغتها الحالية، التي تركز على العاملين فحسب.
وأوضح أن أغلب دول العالم تمتلك أنظمة حماية اجتماعية أكثر شمولاً تتعامل مع الأزمات مثل الحروب والكوارث. وأكد أن الضمان يشكّل دعامة رئيسية لأي منظومة حماية، لكنه ليس الجهة الوحيدة المسؤولة، داعياً إلى إنشاء نظام وطني شامل يشمل الفئات المتضررة من النزاعات، حتى إن لم تكن طرفًا مباشرًا فيها.
وأشار إلى أن الرعاية الصحية في الأردن أثبتت قدرتها على التعامل مع مثل هذه الحالات في تجارب سابقة، حتى لبعض الحوادث خارج البلاد. وبالنسبة للتعويضات أو الرواتب التقاعدية، فإن المشمولين في الضمان يحصلون على حقوقهم وفق النظام، أما غير المشمولين فتتم تغطيتهم عبر صناديق أخرى مثل صندوق المعونة الوطنية.
ولفت إلى أن الاستراتيجية الوطنية المحدثة للحماية الاجتماعية، التي أُعلنت مؤخرًا، تضمنت نصوصًا تتعلق بالاستجابة للأزمات، مما يعكس قدرة المنظومة الأردنية على التعامل مع التحديات.
الضمان نظام تأميني لا يغطي الأخطار العامة
من جانبه، قال حمادة أبو نجمة، رئيس بيت العمال، إن الضمان الاجتماعي الأردني هو نظام تأميني يعتمد على الاشتراك، وليس نظام رعاية شاملة يغطي جميع المواطنين. وأضاف أن التغطية تقتصر على الإصابات الناتجة ضمن علاقة العمل، أو التي تشملها اشتراكات طوعية، وتُحدد المنافع حسب نوع التأمين.
وأوضح أن الحروب والكوارث لا تندرج ضمن تغطية إصابات العمل، لأنها تُعد من "الأخطار العامة" غير المرتبطة بالمخاطر المهنية، مشيرًا إلى أن قانون الضمان خص العسكريين بأحكام خاصة تُسوى وفق قانون التقاعد العسكري إذا كانت الإصابة ناتجة عن العمليات الحربية.
وأضاف أن عدم وجود نص صريح يستبعد الإصابات الناتجة عن الحروب لا يعني بالضرورة شمولها، بل إن آلية تسويتها عبر نظام الأفضلية بين التقاعد العسكري والضمان تعكس أنها إصابات تُعالج خارج الإطار المدني الاعتيادي.
الكوارث والحروب خارج تغطية تشريعات الضمان
أما خبير التأمينات موسى الصبيحي، فأكد أن الحروب والكوارث ليست من المخاطر المشمولة بشكل مباشر ضمن تشريعات الضمان الاجتماعي. وقال إن هذه الأحداث، خصوصًا إذا كانت واسعة النطاق، تفوق قدرة أي مؤسسة تأمينية على التعويض الكامل عنها، وقد تهدد استدامة صناديق الضمان نفسها.
وأشار إلى أن الضمان يمكن أن يتحمل مسؤولية جزئية في حال كانت آثار النزاعات محدودة، كما في حالة الحرب بين إيران وإسرائيل، والتي قد تؤثر على بعض العاملين داخل الأردن.
وأوضح أن مسؤولية الضمان تنقسم إلى حالتين: الأولى، إذا وقعت الإصابة أثناء العمل أو خلال الذهاب إليه أو العودة منه، فإنها تُصنّف كإصابة عمل، وتُصرف المستحقات التأمينية المرتبطة بها. والثانية، إذا حدثت الوفاة خارج نطاق العمل بسبب تداعيات الحرب، فإنها تُعامل كوفاة طبيعية ويُطبّق عليها ما ورد في القانون بشأن الوفاة الطبيعية، بحسب كل حالة.
واختتم الصبيحي بالإشارة إلى أن دور الضمان في مثل هذه الظروف يظل محدودًا، بينما تقع المسؤولية الأكبر على الدولة من خلال سياساتها الاجتماعية وأجهزتها المعنية.